قصائد لـ يوجان غيفّيك | عن الفرنسيّة

يوجان غيفّيك

 

أشياء

- زبديّة

مصنوعةٌ، أنت أيضًا،

للاحتواء.

من حولنا

يتواصل الانقضاء.

موقوفون نحن

الآن

وجهًا لوجه.

مُسْتَنْفَدون،

ولكن أوفياء.

 

- مسمار

المسمار

لم يمسسه الصدأ إلًا قليلًا.

لم يضطرّ لأن يُستعمل حتّى الآن.

كان يستريح

كما يستريح المرء.

هو من أولئك الّذين يصنعون

ذلك الصمت المرتحل

بحثًا عن نفسه.

 

- مطرقة

صُنِعْتِ ليدي،

فأنا ممسكٌ بكِ جيّدًا.

أحسّني قويًّا

من قوّتنا.

تنامين فتطيلين النوم،

تعرفين الظلام،

ولكِ قوّته.

ألمسكِ وأزن ثقلكِ،

أهدهدكِ،

أدفئكِ في تجويف يدي.

أرتدّ معكِ

من خشبٍ وحديدٍ

فتعودين بي،

تريدين

أن تمتحني نفسكِ،

تريدين أن تضربي.

 

- خزانة

دهنتكِ بالشمع،

مسحتكِ،

واستمتعتُ

بمنحكِ كدّي،

باستشعار سلطتي

على خشبكِ الخشن السنديان.

فكدتِ أن تقرقري

فوق شراشفكِ وتجويفكِ.

أنظر إليك الآن،

فأحسّني خالصًا.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

أين؟

الّذي لا يوجد في الحجر،

الّذي لا يوجد في الجدار المصنوع من الأرض والحجر،

ولا حتّى في الأشجار،

ذلك الّذي يرتعش قليلًا باستمرار،

لا بدّ وأنّه موجودٌ فينا.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

الشمس

أبدًا لن يسنح للشمس

ما لم يكن في ذاتها

أن ترى الليل

بما أنّ ما تنفثه من سوادٍ

يتخثّر ضوءًا

من حولها.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

صخرة

أحتاج أن أكون صلبًا

ومعمرًا معك،

ضدّ كلّ العداوة،

الّتي يصدّها سطحكِ،

أحتاج أن نتواطأ على السهر

فيمرّ الليل

دون أن يستطيع اختزالنا.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

جملةٌ اعتراضيّة

لعلّ العالم مات

في نفس اللحظة الّتي

هوى فيها كلّ شيءٍ في ضوءٍ آخرَ

شديد الشبه

بذاكَ الّذي كان من قبل.

وبقي منه استنساخٌ

للجدران والصخور

تعبره بغير تاريخ.

إلّا إذا جاء رجلٌ

فابتسم وهو يمرّ.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

الزجاجة

وإذا لم تكوني

غير زجاجةٍ متخيّلة؟

صحيحٌ أنّها نفس الهيئة،

ونفس لون الزجاج،

والضوء الّذي يخترق،

والأفق موطنًا.

لكن بعد إفراغ محتواك من النبيذ،

من الإعصار القابل للسكب في أكواب،

فإنّك لست إلّا منظرًا،

لا ينفع ولا يضرّ.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

شواش النجوم

تصفو الليالي في بعض الأحيان

فتصير كأنّها نداءً.

وقد تكثر فيها النجوم حتّى

أنّكَ في شواشها المهيب

بالكاد تميّز بعضًا منها، هنا وهناك:

تلك المنذورة للدينونة.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

الحاضر

أيّ شيءٍ مهما كان، بعض العصافير،

أو حائطٌ يشبه سائر الحوائط،

أيّ شيءٍ مهما كان، شريطة أن يكون في الخارج،

كي تستوثق من حاضرك.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

من الخارج

الصخرة بدورها

لا تعرف شيئًا عن الصورة

الّتي يراها العشّاق عليها

في ظلّها المستند

إلى بقايا الوقت.

ما تعرفه هو القوّة

الكامنة فيها، قوّة الزلزلة

الّتي لم تتخلّ عنها،

وحلمها بأن نكون معًا

حين نخترق الموضع

المصنوع من الآخر ومن الذات

وقد اختلطا عند الاقتراب

وعند الاكتشاف.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

وردة

هكذا إذن أيّتها الوردة،

رغم التزلّفات والتكرارات،

والتحليلات والتوصيفات،

والتكييفات الغنائيّة،

والفواجع العاطفيّة،

بل رغم المقارنات،

فإنّك تبقين

كما أنت.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

استفزازات

استفزازاتٌ على استفزازات.

أنتم،

من الصحو إلى النوم،

ومن النوم إلى الصحو.

أسئلتكم،

وأسئلةٌ على الأسئلة.

أنتم الّذين تسألون

مَنْ تكونون،

وماذا فعلت بالسياج،

ولماذا منقار الدجاجة،

ولماذا يكون للرجل هذا الوجه

الأبعد منه،

ولماذا بعض الكلمات

يكون نومها ثقيلًا

ونوم غيرها خفيفًا،

ولماذا يأتي الخراب

على الفارغ والملآن،

لماذا يتنكّر الماء

في هيئة الجليد

أو يتبخّر،

لماذا البحيرات.

وإجابتي

لا تملك إلّا أن تكون أسئلةً

كأسئلتكم.

وكأسئلتكم،

لا نهاية لها.

استفزازاتكم،

منذ كلّ تلك السنوات.

فهل حانت الآن

حقبة سكوتكم؟

سيكون هذا بدون شكّ

الاستفزاز النهائيّ

من خلال الصمت

والمزيد والمزيد من الصمت.

حتّى الحين،

كان الصمت سلاحي،

وخلاصي.

أتُراكم الآن تنوون

تأليبه عليّ؟

الأصل الفرنسيّ.

 

 

يوجان غيفّيك (1907 – 1997): كان يوقّع دواوينه وينشرها باسم "غيڤيك" فقط، مستغنيًا عن الاسم الأوّل، كما استغنى - أو كاد - عن المجاز، في نتاج شعريّ هو الأصفى والأبعد عن الحشو، وسط شعراء فرنسا في النصف الثاني من القرن العشرين.  

 

 

شريف بهلول

 

 

طبيب ومترجم مستقلّ من مصر، يهتمّ بترجمة الآداب العالميّة، عن الإنجليزيّة والفرنسيّة.